كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: التَّلَوُّثَ) أَيْ لِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا لِنَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش مِنْ تَفْسِيرِهِ بِذَلِكَ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ خُصُوصًا مَعَ وَصْفِهِ بِالشِّدَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ خَفِيفٌ إذْ كُلُّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ إلَخْ) أَيْ الْحَذْفُ الَّذِي مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَفِيفِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَرَضٍ إلَخْ) أَيْ وَشِدَّةِ نُعَاسٍ وَلَوْ فِي انْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَشَقَّتُهُ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ إلَخْ) أَمَّا الْخَفِيفُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَصُدَاعٍ يَسِيرٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَحَرٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوَّلَ كَلَامِهِ إلَخْ) لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لَيْلًا وَنَهَارًا انْتَهَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: تَقْيِيدًا لِحَرٍّ بِوَقْتِ الظُّهْرِ) اعْتَمَدَ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي الْإِطْلَاقَ كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ- لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّ الْحَرَّ إنَّمَا يَكُونُ عُذْرًا إذَا حَصَلَ بِهِ التَّأَذِّي، فَإِذَا وَجَدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الظِّلُّ دَافِعًا لِلتَّأَذِّي بِالْحَرِّ فَلَا وَجْهَ حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الْحَرِّ عُذْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِذَلِكَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْإِبْرَادِ أَيْضًا وَلَا يَصِحُّ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ إذْ لَيْسَ الْمَدَارُ إلَّا عَلَى حُصُولِ التَّأَذِّي بِالْحَرِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الْحَرِّ بِشَرْطِهِ، فَإِنْ خَالَفُوا وَأَقَامُوا الْجَمَاعَةَ أَوَّلَ الْوَقْتِ عُذِرَ مَنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرِ الْحَرِّ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) قَدْ مَرَّ مَا فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ: أَمَّا حَرٌّ نَشَأَ مِنْ السَّمُومِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْ الْعَامِّ السَّمُومُ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الرِّيحُ الْحَارَّةُ، وَالزَّلْزَلَةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ تَحَرُّكُ الْأَرْضِ لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا. اهـ.
(وَهِيَ إلَخْ) أَيْ السَّمُومُ، وَالتَّأْنِيثُ لِرِعَايَةِ الْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى عَلَى مَا فِيهِمَا) أَيْ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ التَّقْيِيدِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا) الْأَوْلَى وَغَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحِ فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا أَحَسَّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ، وَالثَّانِي عَلَى مَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّهَا فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عَدُّهُمَا مِنْ الْخَاصِّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ لَا يُطْلَقَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا مِنْ الْخَاصَّةِ أَوْ مِنْ الْعَامَّةِ بَلْ يُقَالُ هُمَا قِسْمَانِ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَتَأَذَّى مِنْهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ فَمِنْ الْعَامَّةِ وَإِلَّا فَمِنْ الْخَاصَّةِ بَصْرِيٌّ.
(وَجُوعٍ وَعَطَشٍ ظَاهِرَيْنِ) أَيْ شَدِيدَيْنِ لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ وَكَذَا إنْ قَرُبَ حُضُورُهُ وَعَبَّرَ آخَرُونَ بِالتَّوَقَانِ إلَيْهِ وَلَا تَنَافِيَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شِدَّةُ الشَّوْقِ لَا أَصْلُهُ وَهُوَ مُسَاوٍ لِشِدَّةِ أَحَدِ ذَيْنِكَ وَقَوْلُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ شِدَّةُ أَحَدِهِمَا كَافِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ رُدَّ أَيْ إنْ أَرَادُوا وَلَا قَرُبَ حُضُورُهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ كَخَبَرِ: «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَخَبَرِ: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَلِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ. اهـ.
وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ حَمْلُ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ أَصْلُ خُشُوعِهِ لِشِدَّةِ جُوعِهِ أَوْ عَطَشِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ مَشَقَّةَ هَذَا أَشَدُّ وَلِأَنَّهَا تُلَازِمُهُ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ تِلْكَ وَحُمِلَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْتَلَّ خُشُوعُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ قُرْبِ حُضُورِهِ فَيَبْدَأُ بِأَكْلِ لُقَمٍ يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ جُوعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُسْتَوْفَى دُفْعَةً كَلَبَنٍ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ حَالٍ يَسُوءُ فِيهِ خُلُقُهُ وَشِدَّتُهُمَا تُسِيءُ الْخَلْقَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَكُلُّ مَا اقْتَضَى كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ عُذْرٌ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ عَدَّ بَعْضُهُمْ مِنْ الْأَعْذَارِ هُنَا كُلَّ وَصْفٍ كُرِهَ مَعَهُ الْقَضَاءُ كَشِدَّةِ الْغَضَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ تُطْلَبْ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ لَمْ يُمْكِنْهُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ، وَالتَّطَهُّرُ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ قَدَّمَهَا أَدْرَكَ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِيهِ وَإِلَّا حَرُمَ مَا لَمْ يَخْشَ مِنْ تَرْكِ أَحَدِهَا مُبِيحَ تَيَمُّمٍ وَإِلَّا قَدَّمَهُ.
وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَخَوْفِ ظَالِمٍ) مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (عَلَى) مَعْصُومٍ مِنْ عِرْضٍ أَوْ (نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ بِهِ وَذِكْرُ ظَالِمٍ تَمْثِيلٌ فَقَطْ، وَإِنْ خَرَجَ بِهِ مَا يَأْتِي إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ فِي تَنُّورٍ عُذْرٌ أَيْضًا هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا لَمْ يُعْذَرْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَشِيَ تَلَفَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَكَذَا فِي أَكْلِ الْكَرِيهِ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ فَيَأْثَمُ بِعَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ الرِّيحِ الْمُنْتِنِ لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ ذَلِكَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِنُضْجِهِ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ وَأَنْ يَخْشَى تَلَفَهُ لَوْ لَمْ يَخْبِزْهُ أَمَّا خَوْفُ غَيْرِ ظَالِمٍ كَذِي حَقٍّ عَلَيْهِ وَاجِبٍ فَوْرًا فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَتُهُ وَكَخَوْفِهِ عَلَى نَحْوِ خُبْزِهِ خَوْفُهُ عَدَمَ إنْبَاتِ بَذْرِهِ أَوْ ضَعْفِهِ أَوْ أَكْلِ نَحْوِ جَرَادٍ لَهُ أَوْ فَوْتِ نَحْوِ مَغْصُوبٍ لَوْ اشْتَغَلَ عَنْهُ بِالْجَمَاعَةِ وَيَظْهَرُ فِي تَحْصِيلِ تَمَلُّكِ مَالٍ أَنَّهُ عُذْرٌ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ حَالًا وَإِلَّا فَلَا (و) خَوْفَ (مُلَازَمَةِ) أَوْ حَبْسِ (غَرِيمٍ أَوْ مُعْسِرٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَلَا يُنَوَّنُ غَرِيمٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الدَّائِنُ.
وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ أَوْ لِمَفْعُولِهِ فَيُنَوَّنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ الْمَدِينُ هَذَا إنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ إعْسَارِهِ أَوْ عَسُرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ وَهُنَاكَ حَاكِمٌ يَقْبَلُهَا قَبْلَ الْحَبْسِ وَإِلَّا فَكَالْعَدِمِ كَمَا بُحِثَ أَوْ كَانَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ دَعْوَى الْإِعْسَارِ بِيَمِينِهِ كَصَدَاقٍ وَدَيْنِ إتْلَافٍ فَلَا عُذْرَ (وَعُقُوبَةٍ) تَقْبَلُ الْعَفْوَ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ و(يُرْجَى تَرْكُهَا) وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَلَوْ بِمَالٍ (إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) يَعْنِي زَمَنًا يَسْكُنُ فِيهِ غَضَبُ الْمُسْتَحِقِّ بِخِلَافِ نَحْوِ حَدِّ الزِّنَا إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ وَإِلَّا كَانَ تَغَيُّبُهُ عَنْ الشُّهُودِ عُذْرًا حَتَّى لَا يَرْفَعُوهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ وَبِخِلَافِ مَا عُلِمَ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ لَا يَعْفُو عَنْهُ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّغَيُّبُ مَعَ تَضَمُّنِهِ مَنْعَ حَقٍّ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْعَفْوِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهِ وَنَظِيرُهُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْغَاصِبِ الرَّدَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فَوْرًا إلَى الْإِشْهَادِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ (وَعَرِيَ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَا تَخْتَلُّ مُرُوءَتُهُ بِتَرْكِهِ مِنْ اللِّبَاسِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً بِتَرْكِهِ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ) مُبَاحٍ (مَعَ رُفْقَةٍ تَرْحَلُ) قَبْلَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
وَلَوْ تَخَلَّفَ لَهَا لَاسْتَوْحَشَ لِلْمَشَقَّةِ فِي تَخَلُّفِهِ حِينَئِذٍ (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) لِمَنْ يَظْهَرُ مِنْهُ رِيحُهُ كَثُومٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ لَمْ تَسْهُلْ مُعَالَجَتُهُ وَلَوْ مَطْبُوخًا بَقِيَ رِيحُهُ الْمُؤْذِي، وَإِنْ قَلَّ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُغْتَفَرُ رِيحُهُ لِقِلَّتِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته حَذْفُهُ تَقْيِيدَ أَصْلِهِ بِنِيءٍ وَذَلِكَ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «مِنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَجْلِسَ بِبَيْتِهِ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لِإِيذَائِهِ الْمَلَائِكَةَ» وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ لِآكِلِ ذَلِكَ وَلَوْ لِعُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ الِاجْتِمَاعُ بِالنَّاسِ وَكَذَا دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَوْ خَالِيًا إلَّا إنْ أَكَلَهُ لِعُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ قِيلَ وَيُكْرَهُ أَكْلُ ذَلِكَ إلَّا لِعُذْرٍ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ هَذَا أَيْ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا وَمَا قَبْلَهُ أَيْ أَكْلُ الْمُنْتِنِ مَكْرُوهَانِ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ.
وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِكَرَاهَتِهِ لِلْأُمَّةِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَلَعَلَّ صَرَّحَ بِهِ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ فَقَطْ ثُمَّ فِي إطْلَاقِ كَرَاهَةِ أَكْلِهِ لَنَا نَظَرٌ وَلَوْ قَيَّدْت بِمَا إذَا أَكَلَهُ وَفِي عَزْمِهِ الِاجْتِمَاعُ بِالنَّاسِ أَوْ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لَمْ يَبْعُدْ ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً مُعْتَمَدَةً مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مُفِيدَةً أَنَّ الشَّيْخَ تَنَبَّهَ لِمَا ذَكَرْتُهُ وَعِبَارَتُهَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ مُقَيِّدًا بِالنِّيءِ انْتَهَتْ وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ مُمَاسَّةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ مُنِعَ نَحْوُ أَبْرَصَ وَأَجْذَمَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَيْ فَمَيَاسِيرِنَا فِيمَا يَظْهَرُ أَمَّا مَا تَسْهُلُ مُعَالَجَتُهُ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ فِي الْجُمُعَةِ وَيُسَنُّ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ إسْقَاطِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِأَكْلِهِ الْإِسْقَاطَ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ تَعَسَّرَ إزَالَتُهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) قَالَ فِي- شَرْحِ الْعُبَابِ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَقْيِيدُ كَرَاهَةِ الْمُدَافَعَةِ بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَجْعَلَاهُ قَيْدًا فِي كَوْنِهَا عُذْرًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَعَمْ أُخِذَ مِنْ إطْلَاقِهِمَا كَغَيْرِهِمَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ حَيْثُ ضَاقَ الْوَقْتُ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ حَيْثُ أَمْكَنَتْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ السَّعْيُ فِي إزَالَتِهِ إنْ أَمْكَنَ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِنْ عَلِمَ تَأَذِّي- النَّاسِ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ لِصَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ التَّغْيِيبُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتْرُكَ الْجُمُعَةَ سِنِينَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُمَا أَيَّامًا لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كَلَامِهِمَا وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ أَطْلَقُوا وَيَظْهَرُ الضَّبْطُ بِأَنَّهُ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ يَجُوزُ لَهُ التَّغْيِيبُ، وَإِنْ يَئِسَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْعَفْوِ حَرُمَ التَّغْيِيبُ. اهـ.
قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِأَيَّامًا مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِصَبِيٍّ وَحَصَلَ رَجَاؤُهُ لِقُرْبِ بُلُوغِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فَقَدْ يُرْفَعُ أَمْرُهُ لِمَنْ يَرَى الْقِصَاصَ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِمَنْ يَحْبِسُهُ خَشْيَةً مِنْ هَرَبِهِ ش م ر.
(قَوْلُهُ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ) أَيْ وَثَبَتَ عِنْدَهُ ش م ر.
(قَوْلُهُ: عُذْرًا حَتَّى لَا يَرْفَعُوهُ) يُفِيدُ تَصْوِيرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمُوا فَلَا عُذْرَ وَكَذَا لَوْ عَلِمُوا وَنَسَوْا وَلَمْ يَرْجُ تَذَكُّرَهُمْ، فَإِنْ رَجَا تَذَكُّرَهُمْ عُذِرَ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ- هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَعْذَارٌ فِي الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ سُقُوطُهَا عَنْ آكِلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهِ، وَإِنْ لَزِمَ تَعَطُّلُ الْجُمُعَةِ بِأَنْ كَانَ تَمَامَ الْعَدَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِنْ يُحْسِنُ الْخُطْبَةَ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إلَخْ) وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يُحْتَمَلُ الرِّيحُ الْبَاقِي بَعْدَ الطَّبْخِ مَحْمُولٌ عَلَى رِيحٍ يَسِيرٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِإِيذَائِهِ الْمَلَائِكَةَ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ غَيْرُ الْكَاتِبِينَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفَارِقَانِهِ بَقِيَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَوْجُودُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَسْجِدِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ تَضْيِيقٌ لَا يُحْتَمَلُ وَمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَّا وَتُوجَدُ الْمَلَائِكَةُ فِيهِ وَأَيْضًا يُمْكِنُ الْمَلَائِكَةُ الْبُعْدَ عَنْهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مُلَازَمَتَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ مَوْضِعُ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَنْبَغِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ لِآكِلِ ذَلِكَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ النَّاسُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَوْ خَالِيًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَوْ أَكَلَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ كُلُّهُمْ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ مَرْدُودٌ وَمَرَّ آنِفًا أَنَّ مَنْ أَكَلَهُ بِقَصْدِ الْإِسْقَاطِ كُرِهَ لَهُ هُنَا وَحَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ وَلَمْ تَسْقُطْ بِخِلَافِهِ لِشَهْوَةٍ أَوْ تَدَاوٍ وَلَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفَرِ فَقَوْلُ الْبِرْمَاوِيِّ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَدِينُ لِلَّهِ بِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بَعْدَ الْفَجْرِ كَالسَّفَرِ إلَى أَنْ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ.